بقلم: نبيل محمود السهلي
ولد عبد الرحمن إبراهيم سلال (أبو إبراهيم) في مدينة يافا، أرض البرتقال الحزين، بتاريخ 14 نيسان/أبريل 1946. ومنذ نعومة أظفاره، حمل في قلبه حبّ فلسطين وقضيتها، وتربى على قيم العطاء والنضال والمعرفة.
ثابر منذ صغره، فأكمل تعليمه الثانوي عام 1965، والتحق بعدها بجامعة دمشق، حيث نال شهادة البكالوريوس في العلوم العامة عام 1970، وأتبعها بدبلوم التأهيل التربوي عام 1972. خلال سنوات دراسته الجامعية، عمل مدرساً في مدارس دمشق، ثم انتقل لاحقًا إلى مواقع قيادية تربوية، حيث عُيِّن مديرًا لثانوية بور سعيد عام 1980، ثم موجّهًا اختصاصيًا في مادتي الفيزياء والكيمياء عام 1982.
في عام 1975، درّس مادة الفيزياء في ثانوية اليرموك، وكان محبوبًا من طلابه، الذين أحبوا طريقته في الشرح، وتفاعلوا مع روحه الوطنية العالية. لم يكن عبد الرحمن سلال معلمًا فحسب، بل كان من رواد الحراك الطلابي والمظاهرات الداعمة للثورة الفلسطينية، يقود الهتافات بنفسه، وهو محمول على أكتاف طلابه المتحمسين.
بين عامي 1983 و1985، تولّى رئاسة بلدية اليرموك، حيث عُرف بنزاهته وخدمته لأهالي المخيم، لا سيما في حماية الشبان الملاحقين من قبل أجهزة الأمن السورية. بعد استقالته من البلدية، عاد إلى ميدان التربية، فعُيّن موجّهًا أول لمادتي الفيزياء والكيمياء، ثم رئيسًا لشعبة العلوم العامة في وزارة التربية، وشارك في تأليف مناهج تعليمية، ومؤتمرات علمية دولية ضمن منظمات مثل اليونيسكو واليونيسيف.
وفي عام 1988، عُيّن مديرًا لتقنيات التعليم في وزارة التعليم، وبقي في منصبه حتى اغتياله في 3 كانون الثاني/يناير 1991، عندما استُهدف من قبل أجهزة أمن النظام السوري في مصعد بنايته بمنطقة الزاهرة قرب مخيم اليرموك. وتشير الروايات إلى أن اغتياله جاء بسبب مواقفه النزيهة، وانحيازه لأبناء شعبه، ودفاعه عن المظلومين، وكونه عضوًا في حركة فتح.
الراحل عبد الرحمن سلال لم يكن مجرد موظف حكومي أو معلم، بل كان ضميرًا حيًا من ضمائر أبناء المخيم، وصوتًا صادقًا في زمن الخوف.
رحمه الله رحمة واسعة، وستبقى ذكراه حيّة في قلوب طلابه، وأهله، وكل من عرفه من أبناء شعبه.